السبت 30 نوفمبر 2024

رواية قطة في عرين الاسد بقلم بنوتة اسمرة

انت في الصفحة 56 من 63 صفحات

موقع أيام نيوز

مكان البتر .. تخيلت ألمه من فقدانه لتلك الساق .. بالتأكيد شعور صعب وقاسې وغير محتمل

أكملت سارة بأسى شديد 

كان مراد تعبان فى الأول لكنه كان راضى وصابر .. بس للأسف هى مكنش عندها

ذرة احساس

التفتت اليها مريم پحده وقالت 

طليقته تقصدى 

أومأت سارة برأسها وقالت بحزن 

اتخلت عنه وطلبت الطلاق

شعرت مريم بنغزات الدموع كالشوك فى عينيها .. أكملت سارة 

سمعناه وهو بيترجاها متسيبوش وتفضل جمبه .. وعدها انه هيركب رجل صناعيه ويمشى بيها زى الأول .. بس هى كانت مصرة على الطلاق

لم تعد مريم تحتمل حبس دموعها أكثر فانهمرت منها رغما عنها وارتجف جسدها بقوة .. أكملت سارة بحزن وهى شاردة كأنها ترى شريط ذكريات أمام عينينها 

فى ساعتها رمى عليها اليمين وطلقها .. اتعذب أوى .. واتألم أوى .. واتغير أوى .. خاصة لما عرف انها اتجوزت .. كان يوم صعب أوى بالنسبة له .. كنا حسين انه بېموت أدامنا واحنا مش قادرين نعمله حاجه .. بعد الموضوع ده بسنتين فكر انه يرتبط تانى .. كان فى بنت بتشتغل عنده فى الشركة أعجب بيها .. وكلمها انه هيتقدملها .. البنت وافقت وكانت مبسوطة .. ولما راحلها البيت عرفها بموضوع رجله

نظرت اليها مريم بإمعان .. فقالت سارة بحزن 

لما عرفت رفضته

شعرت مريم وكأنها طعنت فى قلبها مرة أخرى .. أكملت سارة 

من ساعتها رفض الارتباط تماما .. وكان بيرفض أى عروسة ماما بتجيبهاله

ثم نظرت الى مريم مبتسمه وقالت 

لحد ما قابلك انتى يا مريم .. متتصوريش فرحنا أد ايه بجواز مراد وفرحنا اكتر لما عيشتى معانا وعرفناكى وحبيناكى

ثم قالت 

كنت خاېفة مراد يفضل لوحده وميتجوزش تانى .. بس هو برده معذور كان خاېف انه يتعرض للرفض مرة تانية أو انه يرتبط بواحده يحس انها حسه نحيته بالشفقة

التفتت الى مريم قائله بحزن 

تعرفى انه مش بيرضى أبدا يخلى اى حد مننا يشوفه من غير رجله الصناعية .. حتى ماما مبيرضاش يخليها تشوفه كده

كان كل تفكير مريم منحصر فى مراد وفى الألم الذى لاقاه .. كم عانى فى حياته .. كيف استطاعت زوجته السابقة أن تتخلى عنه وتتركه بمفرده يعانى وسط آلامه .. كيف تركت يده فى منتصف الطريق .. كيف تخلت عنه وهو فى أمس الحاجة اليها .. هذه تعد خېانة .. بل أشد أنواع الخېانة .. شعرت مريم پغضب شديد تجاهها .. وپألم شديد تجاهه .. طرقت نرمين الباب لتخبرهم بأنه تم الانتهاء من اعداد الفطور .. دخلت مريم غرفة مراد لتجده غير موجود بها .. نظرت الى الأريكة بأسى .. دخلت وغسلت وجهها وبدلت ملابسها ونزلت للأسفل

كان مراد جالسا فى مكانه على رأس الطاولة .. خفق قلبها لرؤيته .. دون وعى منها نظرت وهى تدخل الغرفة الى ساقه التى تبدو وكأنها ساق طبيعيه .. شعرت بوغزات الدموع فى عينيها مرة أخرج لكنها حاولت التماسك .. جلست تنظر اليهم وهما يتحدثون ويمزحون دون أن تشاركهم الحديث .. كانت كل مشاعرها وحواسها موجهه الى الرجل الجالس بجوارها والذى لا تستطيع النظر اليه حتى لا يرى الألم الذى تنطق به عينيها .. كان مراد يتابعها وهى تحرك الطعام أمامها وتتظاهر بالأكل دون أن تأكل بالفعل .. كان يتابعها بإهتمام .. استأذنت وقالت 

انا شبعت .. هخرج أتمشى فى الجنينة شوية

قالت ناهد 

ماشى يا حبيبتى

خرجت مريم وجلست فى مكانها المعتاد فى الحديقه نظرت الى الشجرة التى سقطت منها الحمامة .. تذكرت يوم أن قالت له بأنها أشفقت على

الحمامة لأن جناحها مكسور .. أخذت تتساءل .. ترى هل آلمه كلامها .. هل ظن أنها ستشفق عليه كإشفاقها على الحمامه .. زفرت بضيق وهى تتمنى لو لم تقل تلك الكلمات وقتها .. سمعت صوته خلفها .. تسلل الى أذنيها ليقفز قلبها فى جنون 

مريم

التفتت تنظر اليه .. الى هذا الرجل الذى أحبته بكل كيانها .. نظر اليها بإمعان قائلا 

مريم فى حاجة مضايقاكى

حاولت التحدث لكن الكلمات أبت أن تخرج .. تفرس فيها وهو يقول بإهتمام 

مالك ايه مضايقك

شعرت بحنين شديد اليه .. شعرت بأنها تريد أن تلقى بنفسها بين ذراعيه وتطيب جراحه .. تريد أن تطمئنه وأن تخبره أنها ليست كتلك النسوة اللاتى قابلهن فى حياته .. لن ترفضه أبدا .. أرادت أن تصرخ فيه لا تخف منى لن أخذلك .. لن أجرحك .. لن أؤلمك .. لن أتركك .. تعلقت عيناه بعينيها

يخترق أعماق روحها قال بصوت متهدج 

مريم مالك .. فى حاجة تعباكى ايه هى

نفسى فى درة مشوى على الفحم

نظر اليها مراد بدهشة للحظة ثم اڼفجر ضاحكا وهو يقول 

أفندم .. درة مشوى

على الفحم

قالت بمرح طفولى 

أيوة درة مشوى على الفحم ايه متعرفوش

ابتسمت عيناه قبل شفتاه وهو يقول بدهشة 

لا أعرفه .. بس ايه اللى فكرك بيه دلوقتى

هتفت بمرح 

نفسي فيه أوى

قال وقد اتسعت ابتسامته 

طيب أجيبهولك منين دلوقتى

قالت بتحدى 

اتصرف مش انت الراجل .. اتصرف مليش دعوة عايزة آكل درة

نظر اليها قليلا ثم اقترب منها ونظر الى يدها وأمسكها فى يده قائلا وهو ينظر اليها بمرح 

طيب عندى فكرة .. ايه رأيك نهرب فى الخباثه ونروح نشوفلنا أى حد بيبيع دره

قالت هامسه 

موافقه .. يلا بسرعة قبل ما حد يشوفنا

على الكورنيش جلسا متجاورين .. ابتسم وهو ينظر اليها وهى تأخذ حبة فحبة من الدرة وتضعها فى فمها .. التفتت اليه وابتسمت بخجل قائله 

ايه 

ضحك قائلا 

لما بشوفك بتاكلى بحس ان عصفورة بتاكل

قالت بمرح ودلال 

كويس معنى كدة انى رقيقه

ابتسم لها .. لمح شيئا على زاوية فمها فأزاله بإصبعه .. نظرت اليه مبتسمه بخجل .. تعلقت عيناه بها مبتسما .. وقال هامسا 

تعرفى انك بتحسسيني بحاجات كتير مختلفه .. كل شوية أحسن انك واحدة شكل

قالت بإستغراب 

ازاى يعني 

قال شاردا 

ساعات بحس انك عاقلة أوى وتقيلة اوى .. وساعات بحس انك عصبيه أوى ونرفوزه .. وساعات بحس انك حنينه أوى ورقيقة أوى .. وساعات بحس انك طفلة أوى

نظر اليها قائلا بمرح 

اعترفى انتى مين فى دول 

ابتسمت قائله بمرح 

أنا كل دول فى بعض .. كولكشن يعني

رفع حاجبيه قائلا بتحدى 

بس انتى النهاردة مختلفة .. أول مرة أشوفك مرحة كدة

قالت مريم بعتاب 

قصدك انى كئيبة يعني 

قال مراد مبتسما 

لا طبعا مش قصدى كدة .. بس انتى جادة على طول .. واول مرة أشوفك طفوليه كده .. وشقية كدة .. يا ترى ايه سبب التغيير ده

قالت مريم بشئ من الحزن 

ده مش تغيير ..تقدر تقول ان ده عودة لطبيعتى .. اللى شوفته فى حياتى هو اللى خلانى جادة أوى وكئيبة أوى .. بس أنا مكنتش كده زمان .. لما بابا وماما واختى اللهم يرحمهم كانوا عايشين

شعر مراد بالأسى تجاهها وقال 

ربنا يرحمهم

صمت قليلا ثم قال 

يعني انتى بدأتى

تحسي انك رجعتى لطبيعتك تانى

قالت 

أيوة

نظر اليها قائلا 

ليه .. ايه اللى رجعك لطبيعتك دى تانى ونساكى اللى شوفتيه فى حياتك 

صمتت وهى تنظر اليه .. لمحه نظرة فى عينيها أذابت قلبه داخل صدره .. قالت

هامسه 

انت .. وجودك فى حياتى خلانى أنسى كل الظروف الصعبة اللى مريت بيها

خفق قلب مراد وهو يستمع الى كلماتها .. أشاح بوجهه عنها ونظر أمامه .. بدا عليه التفكر .. ثم عاد ينظر اليها مرة أخرى قائلا بصوت مضطرب 

يلا نروح عشان منتأخرش

لم تعترض مريم .. فهى تعلم أن صراعا كبيرا يدور بداخله .. تفهمه وتتفهمه جيدا

كان حفل خطوبة نرمين بسيطا بين أفراد العائلتين فقط فى الفيلا .. كانت نرمين تشعر بالسعادة بإرتباطها ب أحمد ابن خالتها والذى تعرف عنه حسن الخلق والتدين .. قدمت له أمه علبه الشبكة فقال لها مبتسما 

لبسيها انتى يا ماما

ابتسمت أمه وهى تلبس ابنة أختها الشبكة وتعالت الزغاريد فى البيت .. كانت سعادة أحمد كبيرة وقد تمت خطبته على أحب انسانه الى قلبه .. كم قضى سنين طوال يتمناها زوجة له .. لكنه لم يجرؤ يوما عن الإفصاح عن هذا الحب احتراما لثقة أخيها فيه .. وخوفا من فعل شئ يغضب الله عز وجل فيذهب ببركة زيجتهما .. فرح أحمد أكثر عندما وافق مراد و ناهد على الخطوبة السريعة والتى استغرقت أيام قلائل .. اتفقوا على أن يكون الزفاف فى نهاية العام الدراسى ..

بعد انتهاء الإحتفال بالثنائى اجتمعت الفتيات فى غرفة نرمين أخذن ينعمن بالحديث والمزاح ..

شعرت زهرة بالنوم فدثرها مراد وبقى بجوارها الى أن نامت .. ثم توجه الى غرفة نرمين فرآى ثلاثتهن معا فابتسم قائلا 

شكلكوا وانتوا متجمعين مع بعض كده مش مريحنى

ضحكت الثلاث فتيات وقالت نرمين ضاحكه 

ليه بأه يا أبيه هنكون بنتفق يعني

على سړقة بنك

الټفت الى مريم قائلا 

مش هتنامى

همت بأن تجيبه لكن نرمين قالت 

لا مش هتنام دلوقتى يا أبيه ..احنا عمالين نرغى ونلوك لوك سيبها تلوك معانا .. وبعدين احنا سهرتنا النهارده للصبح

اتسمعت ابتسامته قائلا 

ماشى لوك لوك براحتكوا

انصرف مراد عائدا الى غرفته .. جلس على الأريكة ورفع طرف بنطاله وأزاح الساق الصناعيه قليلا مستغلا عدم وجود مريم فى الغرفة

بحثت مريم عن هاتفها فلم تجده .. قالت ل نرمين 

مش لاقياه رنى عليا كده

اتصلت بها نرمين وقالت 

بيرن .. شكلك نسيتيه تحت

قالت مريم 

لا أنا طلعت بيه .. شكلى نسيته فى الأوضة .. هروح أجيبه وأرجعلكوا

قالت سارة 

ماشى مستنيينك بس اوعى تتأخرى

توجهت الى غرفة مراد الذى سمع صوت هاتفها الموضوع على الكمودينو .. هم مراد بأن يرتدى ساقه الصناعية مرة أخرى ليذهب اليها ويعطيها هاتفها .. كانت مريم معتاده على طرق الباب لكنها لم تطرقه هذه المرة لظنها بأنه عاد الى غرفة زهرة بعدما تحدث معهن .. فتحت الباب ودخلت ليتسمر كلاهما فى مكانه .. شعر كل منهما برجفه تسرى فى جسده .. وكأن ماسا كهربائيا أصابهما معا .. لم يكن مراد قد ارتدى ساقه الصناعيه بعد .. تطلع كل منهما الى عين الآخر .. وكل منهما يحبس أنفاسه .. كانت صدمة مراد كبيرة .. أرادها أن تعرف لكن ليس بتلك الطريقة .. ليس فجأة .. أراد أن

يمهد لها .. ويشرح لها .. لا أن ترى الفراغ فى ساقه .. لا أن ترى أعاقته ونقصه التى يخفيها عن أعين الجميع .. أرادها أن تعرف لكنه لم يريدها أن ترى .. ظل حابسا أنفاسه مطولا وهو متجمد فى مكانه من الصدمة .. كانت مريم تشعر بما يشعر به فى تلك اللحظة .. تعلم أنه كره دخولها عليه الآن .. وكره أن تراه هكذا .. وكره أن تطلع على اعاقته بتلك الطريق .. كانت ترى فى عينيه الخۏف والجزع والألم والحيرة والصدمة والتردد والقلق .. عاد مراد يتنفس

55  56  57 

انت في الصفحة 56 من 63 صفحات